اهلا- بقلم يوسف امارة جيش الانقاذ جيش الدمار جيش المؤامرات
من روايات أهل لوبيا عن دور جيش الانقاذ الخياني في سقوطها عام 1948
بعض الحوادث التي تثير الشكوك في سلوكية قيادة جيش الإنقاذ في معارك الشجرة 1948
قال الدكتور إبراهيم يحيى الشهابي من أهالي قرية لوبيا قضاء طبريا:
«ومما أذكره شخصياً من الحوادث التي تثير الشكوك في سلوكية قيادة هذا الجيش الحوادث التالية:
1- كانت دبابة تابعة لجيش الإنقاذ مزوَّدة بمدفع تقف قبالة مدخل مستعمرة السجرة، وتطلق نيران مدفعها على بيت أحد سكان المستعمرة اسمه الخواجه آرتيل (ويلفظ العرب اسمه «إرْطل»)، وكان البيت خالياً من السكان، ولا تكف الدبابة عن إطلاق النار إلا عندما تأتي مصفحة يهودية من الجنوب من جهة مستعمرات مرج ابن عامر تحمل الذخيرة والمؤن لسكان المستعمرة. عندئذ فقط تتوقف دبابة جيش الإنقاذ عن القصف، ولا تعود إليه إلا بعد أن تتم المصفحة اليهودية مهمتها في المستعمرة وتخرج منها عائدة من حيث أتت.
غضب أحد المجاهدين المتطوعين في جيش الإنقاذ من الذين كانوا يتمركزون في وعرة الطوري من حارة الشهايبة في قرية لوبية (وأظن أن هذا المجاهد سوداني، وذلك من شكله ولهجته)، واندفع نحو الدبابة متهماً المسؤول بالخيانة، شاتماً إياه بغضب شديد، مهدداً إياهُ بالقتل .. (هكذا كان حال هذا المجاهد عندما انطلق يركض نحو الدبابة) ولكنه لم يكد يصل منتصف الطريق حتى كانت قذيفة من مدفعية جيش الإنقاذ الرابضة في مرج الذهب قد مزقت جسمه.
غضب المجاهدون اللوبيانيون من تصرف جيش الإنقاذ فشنوا هجوماً على المستعمرة وعلى موقع استحكام التينة المطل على سهول لوبية الغربية والمتحكم بطريق طبريا - الناصرة. أدرك أهل الشجرة الهدف من هذا الاندفاع فهبّوا لمساعدة أهل لوبية من جهتهم واستطاع الجميع اختراق المنطقة، وشوهد اليهود يفرون من الاستحكام, ولكن في تلك اللحظة الحرجة (جنود العدو يغادرون مواقعهم ويفرون - والمجاهدون يتقدمون ويلاحقون جنود العدو) انصبت مدافع جيش الإنقاذ الرابضة في مرج الذهب على المجاهدين وأجبرتهم على التراجع، بعد أن قتلت من قتلت وجرحت من جرحت. وهكذا أنقذ جيش الإنقاذ المستعمرة مرة أخرى.
2- في ليلة ليلاء، ظلامها دامس، والسكون مهيمن، جاء ضابط من ضباط جيش الإنقاذ الموجودين في قرية الشجرة إلى مضافة الشيخ يحيى سعيد الشهابي وعرض عليه أن يختار عدداً من خيرة المقاتلين وأشجعهم لينصبوا كميناً في «صبرة الشجرة» (وهي قطعة أرض مزروعة بأشجار الصبار بكثافة، وتقع بين قريتي لوبية والشجرة على الطريق الترابي الواصل بين القريتين, وقرب مستعمرة السجرة اليهودية) وبعد ذلك يقومون بهجوم عند مطلع الفجر على المستعمرة ويحتلونها. (كنت موجوداً شخصياً على مجريات هذه الحكاية) فأجابه الشيخ يحيى: أنا لا أستطيع اتخاذ قرار بهذا الشأن. لا بد من استشارة مشايخ الحمايل الأخرى. اذهب أولاً إلى الشيخ حسن أبو دهيس واعرض عليه الأمر, وانظر في ما يرى». ذهب بالفعل إلى هناك فأجابه الشيخ حسن أبو دهيس إجابة مماثلة، فعاد وقال ما سمعه من الشيخ حسن فهب فيه الشيخ يحيى غاضباً، وأيده بذلك مشايخ الحمايل الأخرى الذين كانوا موجودين: «أنت جاسوس يهودي. تريد اصطياد شبابنا في كمين نصبه أسيادك في الصبرة، ولولا خوفنا من أن يقال إن أهل لوبية قتلوا ضابطاً من جيش الإنقاذ، أو أن يؤدي ذلك إلى تصادم مع جيش الإنقاذ لسوء تقدير أو سوء فهم لأطلقت النار عليك وقتلتك كالكلب المسعور. اغرب عن وجهي، قبل أن يقتلك أحد، فإن علم بك الشباب قتلوك، ولن يستطيع أحد منعهم من ذلك».
امتقع وجه هذا الضابط وانصرف لا يلوي على شيء. وكان قد تم إرسال استطلاع لتلك المنطقة واكتشف وجود كمين يهودي بالفعل داخل صبرة الشجرة - وتناقل أهل الشجرة العربية أن هذا الضابط تبين فيما بعد أنه ضابط من ضباط اليهود العاملين في عصاباتهم». (وأظن أن هذا الضابط هو الشاويش محمد رزق العراقي)
.إبراهيم يحيى الشهابي (مواليد 1933 بـلوبية في فلسطين[1])، هو كاتب فلسطيني تلقى تعليمه في فلسطين ثم في سوريا. حصل على ليسانس في الآداب قسم اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة دمشق عام 1959، وعلى ليسانس في الترجمة، وعلى دكتوراه في العلاقات الدولية السياسية من كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1984 . عمل محاضرًا في جامعة دمشق منذ عام 1983، ومدير عام للمجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1983. عضو جمعية الترجمة باتحاد الكتاب العرب. نشر عددا من القصص القصيرة، والمقالات، والدراسات المتنوعة في مجلات سورية وعربية مختلفة. صوره لسقوط لوبيه واستسلامها عام 1948 بعد ان هرب القاوقجي الى صور في لبنان وتركها بلا حمايه بعد معركة الشجره